عقبة بن نافع
هو عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري، ولد بمكة المكرمة سنة 621 م، ونشأ في كنف أب حارب مع الرسول (صلعم) وصادق أبا بكر وقاد الجيوش المظفرة في عهد عمر بن الخطاب ودعا إلى الإسلام في الجزيرة العربية، وكان لهذا عميق الأثر في حياة عقبة باختياره للجندية والجهاد في سبيل الله.
اشترك عقبة بن نافع في الحرب لأول مرة سنة 640 م، وكان ذلك مع عمرو بن العاص خلال فتح مصر ثم تولى قيادة أحد الجيوش الإسلامية بليبيا فتح منطقة تسمى “زويلة” ثم “النوبة” ثمّ دعي على إثرها لقيادة المسلمين ببرقة بإفريقية. ولما تولى عبد الله بن سرح ولاية مصر في سنة 642 مإشترك معه في فتح طرابلس. وفي سنة 659 غزا بأهل مصر الروم بإفريقية من البحر. وبعد سنتين أعاد غزو الروم وقبائل “لواتة” المتمردة بإفريقية. وفي سنة 662 فتح “غدامس” ثمّ رجع ليفتح أقاليم من السودان سنة 663.
على أن أهم ما قام به عقبة بن نافع توغله في إفريقية وبناؤه للقيروان سنة 670 م، هذه المدينة ذات الطابع العسكري والديني التي مكنته من تقليص نفوذ الروم بالإضافة إلى استغلالها من بعده كقاعدة متقدمة للمسلمين في فتحهم لبقية مناطق شمال إفريقيا.
ولمّا تولّى مسلمة بن مخلد الأنصاري سنة 674م ولاية مصر، عزل عقبة بن نافع من قيادة جيوش المسلمين بافريقية وولّى أبا المهاجر دينار مكانه، فأساء هذا الأخير معاملة عقبة وسجنه غير أن الخليفة معاوية أمر بإطلاق سراحه وتسييره إلى الشام.
وعند تولي يزيد بن معاوية خلافة المسلمين، أعاد عقبة واليا على إفريقية. فرجع سنة 682 على رأس جيش من الشام باتجاه برقة ومنها قام بتجهيز حملة سار بها حتى وصل المحيط الأطلسي، خاض خلالها معارك كثيرة أهمها واقعة تلمسان التي انتصر فيها على حشود من الروم والبربر، ثم طنجة التي تصالح مع حاكمها “الكونت يوليان”. وامتد طموح عقبة إلى ما وراء البحر وأراد فتح إسبانيا، غير أن العرب في ذلك الوقت لم يخبروا بعد امتطاء البحار، فقال قولته الشهيرة وهو ممتطيا حصانه “لولا هذا المحيط لمضيت مدافعا عن دينك ومقاتلا من كفر بك وعبد غيرك”.
اكتفى عقبة بما حققه من فتح وقفل راجعا إلى “القيروان” بعد أن سبقه الجزء الأعظم من جيشه. إلا أن القائد البربري كسيلة استغل وجود عقبة في قلة من الجند وأغار عليه وتمكن من قتله.
استشهد عقبة بن نافع، وآثر الاستشهاد على الهروب من مواجهة كسيلة، عن سن تجاوزت الستين قضى معظمها في الحروب أسوة بوالده.
المرجع :
كتاب عقبة بن نافع (بسّام العسلي).