مشاركة الجيش الوطني في عمليات حفظ السلام بالعالم

مناصرة الجيش الوطني ودعمه للقضايا العربية

 

لقد أكدت تونس منذ ما قبل الاستقلال عن موقفها الثابت في الدفاع عن الأمة العربية إيمانا منها بقضاياها العادلة وبضرورة توحيد الصف العربي من أجل استرداد الحقوق المغتصبة، فعبّر الزعماء الوطنيون زمن الاحتلال عن مساندتهم للقرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية في شهر ديسمبر 1948 حول التصدي لتقسيم فلسطين ومد يد المساعدة المادية والعسكرية للفلسطينيين ليدافعوا عن بلادهم.

وفي هذا الإطار هبت جموع غفيرة من التونسيين للانضمام إلى جيش الإنقاذ المتألف من المتطوعين الذين قدموا من جل البلدان العربية لمؤازرة الشعب الفلسطيني، وفي تقرير حول عودة المتطوعين التونسيين لحرب فلسطين بتاريخ 22 جويلية 1948 نجد أنه إلى حد يوم 20 جويلية 1948، تم إرجاع 2238 تونسيا من الحدود الطرابلسية، إلى جانب 338 آخرين تم القبض عليهم في الجنوب التونسي قبل أن يتمكنوا من تجاوز الحدود،  وهذه الأرقام من شأنها أن تلقي بعض الضوء على تعاطف التونسيين وتمسكهم بالوحدة العربية خلال هذه الحرب الأولى العربية – الإسرائيلية.  

منذ حصولها على الاستقلال وإثر تكوين الجيش الوطني، بدأت تونس تساهم فعليا بجنودها من أجل حل القضايا العربية إذ تم إعداد بعثة عسكرية وتجهيزها لدعم الصف العربي خلال الحرب العربية – الإسرائيلية الثالثة سنة 1967، لكن وقف إطلاق النار ونهاية الحرب حالا دون وصول هذه  القوة العسكرية.

سنة 1973، شارك الجيش الوطني إلى جانب القوات العربية في حربها الرابعة ضد إسرائيل بفوجين:

* الفوج الثامن مشاة قوامه حوالي 1000 جندي مجهز بكامل معداته وتجهيزاته وقد تمركز ببور سعيد ودمياط   وكلف بمهمة دفاعية باتجاه البحر تحسبا لأي عملية إنزال بحري من قبل الجيش الإسرائيلي. وبداية من نوفمبر 1973 تم تعزيز الوحدة العسكرية التونسية ببعض الوحدات المصرية وكلفت بمهمة حماية مدينة بورسعيد والقاعدة اللوجستيكية الخلفية للقوات المصرية وانتشرت سرايا الفوج لهذا الغرض على جبهة طولها ستة كيلومترات على قناة السويس.

خلال شهر جانفي 1974 تم تعويض الفوج الثامن مشاة بفوج الطلائع الذي يعد حوالي 1100 جندي، وحال وصوله تمركز بالضفة الشرقية لقناة السويس على جبهة طولها حوالي عشرين كيلومترا من بور فؤاد إلى الكلم 28 – شادر عزام –وكان في مواجهة مباشرة مع الجيوش الإسرائيلية التي لا تبعد في بعض المناطق إلا حوالي ثلاثة كيلومترات.

وقد أنهت الوحدات التونسية مهمتها على أكمل وجه وكانت محل عناية وتقدير من قبل القيادة المصرية السياسية والعسكرية وقد أسند الرئيس الراحل محمد أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية إلى البعثة العسكرية التونسية وساما لا يزال معروضا بإحدى قاعات المتحف العسكري الوطني.

وكانت عودة البعثة التونسية إلى أرض الوطن على دفعتين متّجهتين إلى مدينة الكاف وصلت الأولى يوم 27 جانفي 1974 والثانية يوم 10 فيفري 1974.

         فيما يتعلق بالجبهة السورية، أوفدت تونس بعثة طبية أولى وصلت إلى دمشق يوم الاثنين 08 أكتوبر 1973 وتتكون من 08 أطباء و37 ممرضا وكانت أول بعثة من نوعها تصل الأراضي السورية. أما الثانية فقد وصلت يوم الأربعاء 17 أكتوبر وتتركب من 05 أطباء جراحيين و15 ممرضا مختصا إلى جانب كميات من الأدوية وأدوات الجراحة ومستلزماتها.

 

المساهمة في وقف إطلاق النار بين القوات الأردنية والفلسطينيين

 

في شهر جوان 1970 تأزم الوضع بين المملكة الأردنية الهاشمية واللاجئين الفلسطينيين بسبب الاضطراب المستمر الذي كان يسود البلاد من جهة وتفكك دواليب الدولة بسبب تطاول بعض الفدائيين الفلسطينيين الذين كانوا يريدون الإطاحة بالنظم القائمة في الأردن من جهة ثانية. وقد ازداد الوضع تأزما عندما اتهمت السلطات الأردنية آنذاك القيادة الفلسطينية بمحاولة اغتيال العاهل الأردني. وتزامن هذا الحدث مع قيام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتحويل وجهة طائرة أردنية. وفي 17 سبتمبر 1970 بلغ الصراع المسلح بين الطرفين ذروته بقصف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من قبل القوات الأردنية.

وفي هذا الظرف، هبت تونس التي كانت تتابع الوضع بانشغال تام لإصلاح ذات البين والعمل كخطوة أولى على وقف إطلاق النار وحقن الدماء بين الأشقاء فدعت إلى عقد قمة عربية طارئة، تكونت على إثرها يوم 22 سبتمبر 1970 لجنة توفيقية بين طرفي النزاع برئاسة تونس في شخص وزيرها الأول آنذاك، وقد توصلت هذه اللجنة إلى إقناع الطرفين الأردني والفلسطيني بإبرام اتفاق يوم 08  أكتوبر  1970 تم توقيعه بمقر سفارة تونس بعمان ويضبط هذا الاتفاق علاقة الطرفين على أسس متينة ودائمة تعتمد الاحترام والثقة المتبادلة.

تواصلت هذه المساعي الحميدة من قبل تونس التي أرسلت على غرار بقية الدول العربية مجموعة من المراقبين العسكريين لمراقبة عملية وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع.

  

مشاركة القوات المسلحة التونسية في عملية – إعادة الأمل- بالصومال

 

عرفت الصومال في أوائل التسعينات أزمة اجتماعية واقتصادية حادة هددت البلاد بانتشار المجاعة والأوبئة، تلتها أزمة سياسية على إثر الإطاحة بنظام الرئيس زياد بري من قبل رجل الأعمال علي مهدي محمد والجنرال محمد فرح عيديد، ثم إعلان هذا الأخير الانفصال عن الرئيس علي مهدي محمد، الأمر الذي جعل البلاد تدخل في حرب أهلية أفقدتها أدنى مقومات الدولة. وانقسم المجتمع الصومالي إلى فصائل وزعامات متناحرة، كل منها طامعة في الاستيلاء على السلطة بالصومال أو على جزء من البلد.

في خضم هذه الأوضاع المتردية للغاية تدخلت منظمة الأمم المتحدة لفض النزاع وإيجاد حل للأزمة في الصومال وصدر القرار رقم 794 في منتصف شهر ديسمبر 1992 الذي تضمن مرحلتين لحل النزاع:

– المرحلة الأولى تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة أكثر من 30 دولة وتجيز بعث قوة متعددة الجنسيات مهمتها توفير الظروف الأمنية الملائمة لتوزيع المساعدات الإنسانية وانتشال المجتمع الصومالي من المجاعة والأوبئة.

– المرحلة الثانية انطلقت يوم غرة ماي 1993 تحت إشراف المنتظم الأممي وبقوات أممية، مهمتها العمل على قيام سلطة انتقالية بالصومال.

واستجابة لنداء الواجب الإنساني قررت تونس المشاركة ضمن القوات العاملة في الصومال بإرسال وحدة من الجيش الوطني قوامها 143 فرد معززة بفريق طبي يتكون من 03 أطباء ( طب عام، طب أطفال، طب أسنان)للمساهمة في التخفيف من المأساة التي يعانيها الشعب الصومالي الشقيق وقد تم ترحيل هذه المجموعة العسكرية جوا يوم 13 جانفي 1993.

من الناحية العسكرية، تم تكليف المجموعة التونسية بضمان أمن واستقرار جامعة موقاديشو التي تمثل كبرى القواعد اللوجستيكية للقوات المتعددة الجنسيات وقد نجحت العناصر التونسية في التصدي  إلى كل محاولات التسلل داخل القاعدة من قبل المجموعات الصومالية المسلحة دون أن تسجل أية خسائر في صفوف الوحدات المنتصبة بالقاعدة.

من الناحية الصحية، باشر الفريق الطبي مهمته في بداية الأمر تحت الخيام. ونظرا لما أظهره من جدية وكفاءة نالت ثقة المنظمات الأممية، فقد تمّ تدعيمه بتجهيزات ووسائل مكنته من تكثيف نشاطه ومن تنفيذ برنامج صحي واسع النطاق شمل فحص حوالي 80 طفلا حتى موفى شهر ديسمبر 1993. كما شارك الفريق الطبي في البرنامج الوطني الصومالي لتلقيح الأم والطفل الذي تبنته منظمة اليونساف وانتفع بهذا البرنامج 6000 طفل و2500 امرأة حامل.

إلى جانب ذلك تمت برمجة حصص تربوية وتثقيفية صحية حول القواعد الأساسية للنظافة وأهمية التلقيح والتنظيم العائلي.

وقد أنهت المجموعة العسكرية التونسية مهمتها على أحسن وجه ونالت استحسان كافة القيادات والشعب الصومالي، مما جلب الاحترام والتقدير لتونس من قبل كل الأطراف. وكانت عودتها النهائية إلى أرض الوطن في شهر فيفري 1994.

 

مشاركة القوات المسلحة التونسية في الصحراء الغربية

 

على إثر الاتفاق الثنائي بين المغرب والجبهة الديمقراطية العربية الصحراوية القاضي بوقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، تدخلت منظمة الأمم المتحدة لحفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة منذ شهر سبتمبر 1991 ونظرا لتعلق تونس العهد الجديد بمبادئ الأمم المتحدة الرامية إلى إقرار السلم والأمن في مختلف ربوع العالم فقد قررت إرسال مجموعة من الضباط تتكون من 09 ضابط كملاحظين أمميين غادروا تونس منذ 27 سبتمبر 1991 وقد بلغ عددهم إلى حدود سنة 1997 بموجب التعويضات 46 ضابطا.

 

مشاركة القوات المسلحة التونسية في جزر القمر

 

إثر تأزم الوضع بجزر القمر وبطلب من الأمم المتحدة، أرسلت تونس مجموعة من الضباط وضباط الصف كملاحظين إلى هذا البلد بين سنة 1997 وسنة 1998.

 

 مشاركة الجيش الوطني في حفظ السلام بإفريقيا

إن حرص تونس على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة لم يثنها عن الاهتمام شؤون القارة السمراء ومتابعتها والقيام بدور فعّال في معالجة القضايا والأزمات التي عصفت ببعض بلدان قارتنا وذلك منذ فجر الاستقلال. وقد تعزز هذا الاهتمام في عهد التحول بإرسال العديد من البعثات العسكرية استجابة لدعوات الأمم المتحدة أو منظمة الوحدة الإفريقية لحفظ السلام والأمن في إفريقيا.

 

مشاركة الجيش الوطني في عملية حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية سنة 1960.

 

 

 

على إثر استقلال الكونغو وجلاء القوات البلجيكية عنه يوم 30 جوان 1960، تأزم الوضع بهذا البلد نتيجة تمرد القوات المسلحة وأعوان الأمن الداخلي ضد السلطة القائمة في البلاد وقد توصلت هذه القوات إلى السيطرة على إقليم ” كاطانقا” الغني بالثروات المعدنية، وفي هذا الظرف تدخلت بلجيكا بقواتها العسكرية بدعوى حماية الأوروبيين المقيمين في هذا البلد، الأمر الذي اعتبرته السلطات الكونغولية تدخلا مباشرا في شؤونها الداخلية وخرقا لاتفاقية الصداقة المبرمة بينهما في 29 جوان 1960. وتقدمت بشكوى إلى منظمة الأمم المتحدة لحماية استقلال البلاد وسيادته.

انعقد مجلس الأمن في جلسة طارئة يوم 09 أوت 1960 تميزت بتدخل مندوب تونس الدائم الذي دعا إلى ضرورة  جلاء القوات البلجيكية عن الكونغو واختتمت هذه الجلسة بصدور لائحة عن مجلس الأمن ندد فيها بالتدخل البلجيكي وضرورة تراجع بلجيكا عن هذا العمل العدواني. كما انعقدت جلسة ثانية يوم 14 أوت 1960 تقدمت فيها تونس بعريضة التمست فيها أعضاء المجلس بأن يحلّ مشكل الكونغو في نطاق ضيق أي أن يقع إرسال قوات عسكرية افريقية وآسيوية فقط تحل محل القوات البلجيكية بالكونغو وتكون تحت إشراف أممي.

 

وفي هذا الإطار أرسلت تونس بعثة عسكرية قوامها 2261  جندي مجهزين بكامل عتادهم وعدّتهم. وحال وصولها تم تكليفها بحفظ الأمن في إقليم ” كاصاي ” والعاصمة ليوبولدفيل حيث تمركزت في مواقع رئيسية هي مطار أنجلي ومقر البرلمان المحلي وبالقرب من مقر إقامة الشخصيات العسكرية والمدنية وبمدينة ” نبزا”  لحماية الأهالي بها. وقد تواصلت مهمة هذه البعثة الأولى إلى حدود بداية جويلية 1961 إذ عادت إلى أرض الوطن تلبية لنداء الواجب على إثر اندلاع معركة الجلاء ببنزرت.

البعثة الثانية كانت في جانفي 1962، وهي تتكون من فيلق من القوات المسلحة يعد 1100 عسكري عهدت إليهم المهام التالية:

– حفظ الأمن بمخيمات اللاجئين في إليزابتفيل وحمايتهم من هجمات الكاطنقيين،

– تأمين عودة اللاجئين إلى قراهم،

– المساهمة في عودة إقليم كاطنقا إلى السلطة المركزية.

وقد ساهم الفيلق التونسي الذي بلغ خلال البعثتين 3361 عسكريّ إلى جانب العمل العسكري الميداني وحفظ الأمن في إعادة إعمار البلاد ومد الطرقات والسكك الحديدية وشبكات الكهرباء والماء، كما كانت له مهام إنسانية تمثلت في توفير الرعاية الصحية للمرضى والجرحى ومد يد المساعدة إلى اللاجئين بتقديم الأدوية والمؤونة والأغطية إليهم.

وقد وجدت المساهمة التونسية صدى طيبا لدى جميع الأطراف ولاقت الاستحسان  والتقدير من الشعب الكونغولي وقيادته الشرعية، وجلب لتونس المزيد من التقدير والاعتبار وعزز مكانتها لدى المنتظم الأممي إذ كانت نقطة انطلاق لسلسة من المشاركات تحت راية الأمم المتحدة. وكان رجوع البعثة التونسية إلى أرض الوطن يوم 07 مارس 1963.

 

مشاركة الجيش الوطني في عملية حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية سنة 2000…

 

ويعيد التاريخ نفسه خلال العشرية الأخيرة عندما اضطربت الأوضاع من جديد سنة 1994 بالكونغو بسبب توافد اللاجئين الروانديين الفارين من الحرب الأهلية وانتصاب ما يزيد عن المليون لاجئ على الحدود الشرقية الكونغولية وازداد الوضع سوءا إثر الإطاحة بالحكومة المركزية من قبل ما يسمى ” بالقوى الديمقراطية لتحرير الكونغو ” ودخول البلاد في حرب أهلية حمي وطيسها بين سنة 1996 وسنة 1999.

في هذا الظرف قرر مجلس الأمن الدولي نشر قوات لحفظ السلام بهذا البلد لمراقبة وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة ونزع أسلحتها وتنظيم انسحاب القوات الأجنبية من التراب الكونغولي وتقديم المساعدات الإنسانية.

وجاءت المشاركة التونسية لنجدة الكونغو ومساعدته على تجاوز محنته بإرسال 27 ضابطا للعمل كملاحظين في مرحلة أولى بداية من شهر فيفري سنة 2000، وفي شهر ماي سنة 2001، تم تكوين وحدة عسكرية من 220 فرد وإرسالها جوّا يوم 19 ماي حيث عهد إليها منذ وصولها وانتصابها بالعاصمة كينشاسا بالمهام التالية:

– السهر على امن مقر القيادة المركزية الأممية،

– تأمين القاعدة اللوجستيكية الأممية،

– تأمين الفضاء المخصص للأمم المتحدة بمطار كينشاسا.

انضافت إلى هذه المجموعة وحدة عسكرية ثانية يوم 15 أكتوبر 2003، عدد أفرادها 210. وأنيط إلى الوحدتين التونسيتين إلى جانب المهام المذكورة أعلاه ما يلي:

– القيام بالإسناد الصحي ( طب أسنان خاصة) لفائدة حوالي 200 فرد من أفراد منظمة الأمم المتحدة،

– تحقيق حماية نائبي رئيس الجمهورية بداية من 16 جويلية 2003 بالحراسة أمام مقرات إقامتهما والخفر إلى مواقع العمل،

– القيام بعملية الخفر لوفود أحزاب المعارضة الرسمية أثناء تواجدهم بالعاصمة كينشاسا منذ 28 أفريل 2003

 

 

المشاركة التونسية برواندا

 

 

 

في بداية التسعينات، اندلعت برواندا حربا أهلية عرقية بين قبائل هذا البلد من الهوتو الذين يمثلون الأغلبيّة المطلقة للقوات الحكومية والتوتسي المهجرين إلى البلدان المجاورة بزعامة الجبهة الوطنية الرواندية، وقد انتهت هذه الحرب بتوقيع اتفاقية سلام بين الطرفين يوم 04 أوت 1994 تشكلت على إثرها حكومة انتقالية.

ولمراقبة تنفيذ بنود هذه الاتفاقية تبنت منظمة الوحدة الإفريقية الإشراف على ذلك وفي هذا الإطار تم إرسال 132 عسكريّ من خمس دول إفريقية من بينهم 60 تونسيا كملاحظين عسكريين بين 06 سبتمبر 1993 و13 جويلية 1994.

في مرحلة ثانية انتقلت مهمة الإشراف إلى منظمة الأمم المتحدة بمقتضى القرار عدد 872 الذي ينص على مساعدة رواندا للخروج من أزمتها بإرسال 2500 عسكريّ وهكذا انضوت المجموعة التونسية تحت لواء المنتظم الأممي.

غير أنه على إثر قضاء الرئيس الرواندي في حادث طائرة في 06 أفريل 1994 اشتعلت نار الحرب الأهلية من جديد فقرر رؤساء الدول الإفريقية أثناء قمتهم المنعقدة بتونس يوم 15 جوان 1994 ، إيفاد قوات عسكرية إفريقية إلى رواندا لمساعدة القوات الأممية العاملة هناك. وفي هذا الإطار شاركت تونس بفيلق يضم 854 فرد من بينهم 826 عسكريّ موزعين على 06 سرايا انتشرت بمنطقة الشمال الغربي لرواندا وبالتحديد بالمقاطعة الخامسة حسب التقسيم الأممي و10 ضباط ملاحظين و07 ضباط يعملون بقيادة أركان القوات الأممية و11 فردا من الشرطة العسكرية، أصبحوا في وقت لاحق 150 عنصر تمثلت مهمتهم في مساعدة السلطات الرواندية على إرساء فيلق من الشرطة. ويعتبر الفيلق التونسي ثاني أكبر قوة مشاركة بعد الفيلق الغاني.

أما مهمة المجموعة التونسية فهي مراقبة وقف إطلاق النار وحفظ قوافل اللاجئين وتأمين مراكز تجمعهم والإشراف على عملية توزيع المساعدات الإنسانية، إلى جانب تقديم خدمات اجتماعية وصحية تمثلت في فحص المرضى والمصابين ومساعدتهم على العلاج والشفاء.

وقد أدى تميز أداء قوات الفيلق التونسي إلى توجيه منظمة الأمم المتحدة رسائل شكر وتقدير إلى تونس والإبقاء على قائد الفيلق ليضطلع بمهمة نائب لقائد القوات الأممية بعد رجوع الفيلق إلى أرض الوطن.

 

المشاركة التونسية في بورندي

عملت العناصر التونسية في بورندي تحت راية منظمة الوحدة الإفريقية منذ 09 جانفي 1994 كخلية قيادة للمجموعة العسكرية الإفريقية بهذا البلد وهي تتكون من 04 ضباط وضابط صف ، مهمتها إرساء الثقة وتوفير الحماية المادية للشخصيات الحكومية والزعماء السياسيين.

 

في جنوب إفريقيا   

     شارك الجيش الوطني بضابطين بين 28 فيفري 1994 و07 ماي 1997 للعمل كملاحظين أمميين للعمليات الانتخابية.

  

في أثيوبيا وإرتريا

  إثر اندلاع الحرب بين أثيوبيا وإرتريا قررت الأمم المتحدة إرسال قوات عسكرية لمراقبة وقف إطلاق النار بين الدولتين الجارتين وفي هذا الإطار ساهمت تونس بستة (06) ضباط بين سنة 1997 وسنة 1998.

 

مشاركة الجيش الوطني في حفظ السلام ببقية بلدان العالم

 

اندلعت بكمبوديا منذ سنة 1970 حرب أهلية دامت أكثر من عشرين سنة وخلفت ملايين الضحايا والمتشردين وتسببت في تدمير البنية الأساسية والاقتصادية لهذا البلد وانتهت هذه الحرب بتوقيع اتفاقية باريس بين الأطراف المتنازعة في 23 أكتوبر 1991 التي تدعو إلى تسوية شاملة للنزاع تحت إشراف أممي.

وفي هذا السياق تم تعيين ضابطين ساميين للمشاركة في المهمة التحضيرية بكمبوديا ابتداء من 22 نوفمبر 1991، ثم وبناء على طلب الأمم المتحدة، نال الجيش الوطني شرف تمثيل تونس في هذا البلد الصديق، فتم منذ غرّة أفريل 1992 بعث فيلق من الجيش الوطني قوامه 850 فرد وإرساله جوا عبر تايلندا إلى كمبوديا في الفترة من 28 ماي إلى 16 جوان 1992.

وإلى جانب عناصر الفيلق، تتكون البعثة التونسية أيضا من 16 ملاحظا تمركزوا بمختلف نقاط الحدود ومن 08 عسكريين ضمن أركان قيادة القوات الأممية ومن 11 فردا من الشرطة العسكرية موزعين على مختلف القطاعات وكذلك من 30 من الضباط والأعوان والإطارات التابعين للشرطة والحرس الوطني الذين يعملون ضمن فيالق الشرطة المدنية الأممية ويقومون بدوريات لحفظ الأمن العام وأخرى لمراقبة الشرطة المحلية والإحاطة بها ورسكلتها في مجال التحقيق وحفظ الأمن، إضافة إلى خمسة خبراء مدنيين.

وقد تمركز الفيلق التونسي حال وصوله في 13 ثكنة موزعة على مقاطعتي      ” كمبونغ شنانغ ” و “بورسات” ويحمل هذا القطاع اسم القطاع التاسع غربا وتقدر أبعاده بـ240 كلم طولا و130 كلم عرضا.

أما المهمة التي أنيطت بعهدة الفيلق التونسي فتتمثل أساسا في:

– المشاركة في نزع أسلحة الفصائل المتنازعة وخزنها وتأمينها،

– تحقيق أمن التجمعات السكنية وتقديم خدمات إنسانية إلى الأهالي،

– المساهمة في إعادة إعمار البلاد، 

– حراسة قوافل الإعانات واللاجئين التي تعبر القطاع وتأمين ،

– السهر على أمن المنشآت الأممية المتواجدة بالقطاع ومراكز تجمع اللاجئين.

وتجدر الإشارة إلى أن دور البعثة التونسية لم يقتصر على المهمّات التي سبق ذكرها بل إنّها قدمت خدمات إنسانية جليلة لفائدة الشعب الكمبودي تمثلت في إغاثة المواطنين وكذلك بعض الجنود الأمميين المصابين، كما قامت بمعالجة أكثر من 10000 كمبودي، إلى جانب خدمات اجتماعية مثل إصلاح محطات ضخ المياه وتهيئة المدارس وتلقين دروس في اللغتين الفرنسية والانقليزية. وبذلك ساهم الفيلق التونسي في إعادة النشاط والحركة لبعض القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

كما لعب الفيلق التونسي دورا هاما ودقيقا في عملية الانتخابات التي سادها الحياد التام، ممّا ساهم في إعادة الثقة للمواطنين واستتباب الأمن وجلب الاحترام والتبجيل إلى الفيلق التونسي إذ جاء على لسان القائد الأعلى للجيوش الأممية الجنرال الأسترالي ” ساندرسن” ” نحن فخورون بأداء القوات التونسية ويحق لتونس أن تفخر بأبنائها”.

وانتهت هذه المشاركة بالعودة النهائية لكافة أفراد الفوج على مراحل في أحسن الظروف. وقد عاد آخر وفد إلى أرض الوطن يوم 23 سبتمبر 1993.

هايتـــي    

شارك ضابطان تونسيان ضمن القوات الأممية كملاحظين خلال الفترة الممتدة من 16 ديسمبر 1994 إلى غاية 31 ماي 1995.

 

الكوسوفو

في إطار التخفيف من معاناة المسلمين بكوسوفو الذين تعرضوا إلى حملة تطهير عرقية، تم توجيه بعثة طبية عسكرية إلى ألبانيا تتكون من أطباء وصيادلة وممرضين بين 13 أفريل 1999 و20 جوان 1999.

 

 

إن مشاركة القوات المسلحة التونسية في عمليات حفظ السلام والأمن بالعالم تأتي في إطار تعلق تونس بمبادئ العدل والسلم وإرادتها لبناء مجتمع دولي تسوده الطمأنينة والتعاون المثمر البناء وقد أدت هذه القوات في كل مناسبة مهامها على الوجه الأمثل وكانت عند حسن ظن المجموعة الدولية ومختلف الشعوب التي ساهمت قواتنا المسلحة في إعادة بنائها وإسعادها مما جلب لتونس المزيد من التقدير والاعتبار وأكسبها ثقة العالم المحب للسلام وعزز مكانتها ورصيدها في المحافل الدولية.

 

Top